الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر **
وفيها مات أحمديل صاحب مراغة. وكان شجاعًا جوادًا. وعسكره خمسة آلاف فتكت به الباطنيّة. وفيها توفي أحمد بن محمد بن غلبون أبو عبد الله الخولانيّ القرطبيُّ ثم الإشبيليُّ وله تسعون سنة. سمّعه أبوه معه من عثمان بن أحمد القيشاطيّ وطائفة. وأجاز له يونس بن عبد الله بن مغيث وأبو عمر الطلنمكيّ وأبو ذرّ الهرويّ والكبار. وكان صالحًا خيّرًا عالي الإسناد منفردًا. وألب أرسلان صاحب حلب وابن صاحبها رضوان ابن تتش السلجوقيُّ التركيُّ. تملّك وله ست عشرة سنة. فقتل أخويه بتدبير الباب لؤلؤ وقتل جماعة من الباطنيّة. وكانوا قد كثروا في دولة أبيه. ثم قدم دمشق ونزل بقلعتها ثم رجع وفي خدمته طغتكين. وكان سيّيء السيرة فاسقًا. فصله البابا وأقام أخًا له طفلًا له ست سنين. ثم قتل البابا سنة عشرة. وأبو الوحش سبيع بن المسلِّم الدمشقيُّ المقرئ الضرير. ويعرف بابن قيراط. قرأ لابن عامر على الأهوازيّ ورشأ وروى الحديث عنهما وعن عبد الوهاب بن برهان. وكان يقرئ من السحر إلى الظهر. توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة. والنسيب أبو القاسم عليُّ بن إبراهيم بن العباس الحسينّي الدمشقيّ الخطيب الرئيس المحدِّث صاحب [الأجزاء العشرين] التي خرّجها له الخطيب. توفي ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة. قرأ على الأهوازي وروى عنه وعن سليم ورشأ وخلق. وكان ثقةً نبيلًا محتشمًا مهيبًا سيّدًا شريفًا صاحب حديث وسنّة. ومسعود السلطان علاء الدولة صاحب الهند وغزنة ولد السلطان إبراهيم ابن السلطان مسعود ابن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين. مات في شوّال وتملّك بعده ولده أرسلان شاه وهو ابن عمة السلطان ملك شاه. فيها قدم عسكر السلطان محمد الشام وعليهم برسق للانتقام من طغتكين لا للجهاد. فنهبوا حماة وهي لطغتكين. فاستعان بالفرنج فأعانوه. ثم سار برسق فأخذ كفر طاب وهي للفرنج. وساروا إلى المعرّة فساق صاحب أنطاكية فكبس العسكر وكسرهم ورجع من سلم مع برسق منهزمين نعوذ بالله من الخذلان. واستضرت الفرنج على أهل الشام. وفيها توفي ابن مسلمة أبو عثمان إسماعيل بن محمد الإصبهاني الواعظ المحتسب صاحب تلك [المجالس]. قال ابن ناصر: وضع حديثًا وكان يخلّط. قلت: روى عن ابن ريذة وجماعة. وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلميّ الهمذانيّ الحافظ صاحب كتاب: [الفردوس] و [تاريخ همذان] وغير ذلك. توفي في رجب عن أربع وسبعين سنة وغيره أتقن منه. سمع الكثير من يوسف بن محمد المستملي وطبقته ورحل فسمع ببغداد من أبي القاسم بن البسري وكان صلبًا في السنة. وغيث بن علي أبو الفرج الصوريُّ الأرمناريُّ خطيب صور ومحدّثها. روى عن أبي بكر الخطيب ورحل إلى دمشق ومصر وعاش ستًا وستين سنة. وأبو البركات بن السقطيّ هبة الله بن المبارك البغداديّ أحد المحدِّثين الضّعفاء. له [معجمٌ] في مجلّد. كذّبه ابن ناصر. ويحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس السلطان أبو طاهر الحميري صاحب إفريقية. نشر العدل وافتتح عدّة قلاعٍ لم يتهيأ لأبيه فتحها. وكان جوادًا ممدحًا عالمًا كثير المطالعة. توفي فجأةً يوم الأضحى وخلّف ثلاثين ابنًا فملك بعده ابنه عليٌّ ستة أعوام ومات. فملّكوا بعده ابنه الحسن بن عليّ وهو مراهق. فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج طرابلس الغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين وخمس مائة فخاف وفرّ من المهديّة والتجأ إلى عبد المؤمن. سنة عشر وخمس مائة فيها حاصر عليُّ بن باديس مدينة تونس وضيّق على صاحبها أحمد ابن خراسان فصالحه على ما أراد وفيها كبس طغتكين الفرنج بالبقاع. فقتل وأسر وكانوا قد جاءوا يعيشون في البقاع وعليهم بدران بن صنجيل صاحب طرابلس فردّوا بأسوأ حال ولله الحمد. وفيها توفي أبو الكرم خميس بن عليّ الواسطيّ الحوزيّ الحافظ. رحل وسمع ببغداد من أبي وأبو بكر الشّيرويُّ عبد الغفّار بن محمد بن حسين بن عليّ بن شيرويه النيسابوريّ التاجر مسند خراسان وآخر من حدّث عن الحيري والصيرفي صاحبي الأصمّ. توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة. قال السمعاني: كان صالحًا عابدًا رحل إليه من البلاد. وأبو القاسم الرزّاز عليُّ بن أحمد بن محمّد بن بيان مسند العراق وآخر من حدّث عن ابن مخلد وطلحة الكتّاني والحرفيّ. توفي في شعبان عن سبع وتسعين سنة. والغسّال أبو الخير المبارك بن الحسين البغداديّ المقرئ الأديب شيخ الإقراء ببغداد. قرأ على أبي بكر محمد بن عليّ الخيّاط وجماعة وبواسط على غلام الهرّاس. وحدّث عن أبي محمد الخلال وجماعة. ومات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة. وأبو الخطّاب محمود بن أحمد الكلواذاني ثم الأزجيّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف. كان إمامًا علاّمة ورعًا صالحًا وافر العقل غزير العلم حسن المحاضرة جيّد النظم تفقّه على القاضي أبي يعلى وحدّث عن الجوهريّ وتخرّج به أئمةٌ. توفي في جمادى الآخرة عن ثمان وسبعين سنة. والحنّائي أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الدمشقي من بيت الحديث والعدالة. سمع أباه أبا القاسم ومحمدًا وأحمد ابني عبد الرحمان بن أبي نصر وابن سعدان وطائفة: توفي في جمادى الآخرة ع سبع وسبعين سنة. وأبي النَّرسي أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون الكوفيُّ الحافظ. روى عن محمد بن علي بن عبد الرحمان العلوي وطبقته بالكوفة. وعن أبي إسحاق البرمكيّ وطبقته ببغداد. وناب في خطابة الكوفة. وكان يقول: ما بالكوفة من أهل السنة والحديث إلا أنا. وقال ابن ناصر: كان حافظًا متقنًا ما رأينا مثله. كان يتهجّد ويقوم الليل. وكان أبو عامر العبدريّ يثني عليه ويقول: ختم به هذا الشأن. توفي في شعبان عن ستٍ وثمانين سنة ولقّب أبيًّا لجودة قراءته. وكان ينسخ ويتعفّف. وأبو بكر السمعانيُّ محمد ابن العلامة أبي المظفّر منصور بن محمد التميمي المروزيّ الحافظ والد الحافظ أبي سعد. كان بارعًا في الحديث ومعرفته والفقه ودقائقه والأدب وفنونه والتاريخ والوعظ. روى عن محمد بن أبي عمران الصفّار ورحل فسمع ببغداد من ثابت بن بندار وطبقته وبنيسابور من نصر الله الخشناميّ وطبقته وبإصبهان والكوفة والحجاز وأملى الكثير وتقدم على أقرانه وعاش ثلاثًا وأربعين سنة. فيها عرفت سنجار وانهدم سورها وهلك خلق وجرّ السيل باب المدينة مسيرة مرحلة فطمّة السيل ثم انكشف بعد سنين. وسلم طفلٌ في سرير تعلّق بزيتونةٍ ثم عاش وكبر. وفيها ترحّلت العساكر عن حصار الباطنيّة بالألموت لمّا بلغهم موت السلطان محمد. فتوفي السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغربك بن ميكائيل ابن سلجوق التركيُّ غياث الدين أبو شجاع. كان فارسًا شجاعًا فحلًا ذا برٍّ ومعروف. استقل بالملك بعد موت أخيه بركياروق وقد تمّت لهما حروبٌ عديدة. وخفق محمدٌ أربعةً قد ولّوا السلطنة: محمود ومسعود وطغريك وسليمان. ودفن في ذي الحجة بإصبهان في مدرسة عظيمةٍ للحنفية. وقام بعده ابنه محمود ابن أربع عشرة سنة ففرّق الأموال. وقد خلّف محمد أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل وعاش ثمانيًا وثلاثين سنة. سامحه الله. وفيها توفي أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفيُّ البغداديُّ راوي [سنن الدارقطني] عن أبي بكر بن بشران عنه. وكان رئيسًا وافر الجلالة. توفي في شوّال عن ست وسبعين سنة. وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي ـ وبرج من قرى إصبهان ـ سمع أبا نعيم الحافظ وأجاز له أبو عليّ بن شاذان والحسين الجمّال. توفي في ذي القعدة عن أربعٍ وتسعين سنة وكان صدوقًا. وأبو عليّ بن نبهان الكاتب محمد بن سعيد بن إبراهيم الكرخي مسند العراق. روى عن ابن شاذان وبشرى الفاتني وابن دوما وهو آخر أصحابهم. قال ابن ناصر: فيه تشيّع وسماعه صحيح. بقي قبل موته سنةً ملقىً على ظهره لا يعقل ولا يفهم وذلك من أوّل سنة إحدى عشرة. قلت: توفي بعد ذلك بتسعة أشهر في شوّال. وله سنة كاملة وله شعرٌ وأدب. وأبو زكريّا يحيى بن عبد الوهاب ابن الحافظ ابن عبد الله محمد ابن إسحاق بن منده العبديُّ الإصبهانيُّ صاحب [التاريخ]. روى عن ابن ريذه وأبي طاهر بن عبد الرحيم وطائفة. ثم رحل إلى نيسابور فسمع من البيهقيّ وطبقته ودخل بغداد حاجًّا في الشيخوخة فأملى بها. قال السمعانيُّ: جليل القدر وافر الفضل واسع الرواية حافظ ثقة فاضلٌ مكثر صدوق كثير التصانيف حسن السيرة بعيدٌ من التكلّف أوحد بيته في عصره. صنّف [تاريخ إصبهان]. توفي في ذي الحجة وله أربع وسبعون سنة وآخر أصحابه الطرسوسيّ. في الثالث والعشرين من ربيع الآخر توفي الإمام المستظهر بالله أبو العبّاس أحمد بن المقتدي بالله عبد الله ابن الأمير محمد بن القائم العباسي وله اثنتان وأربعون سنة. وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر. وكان قويَّ الكتابة جيّد الأدب والفضيلة كريم الأخلاق مسارعًا في أعمال البرّ. توفي بالخوانيق وغسّله ابن عقيل شيخ الحنابلة وصلّى عليه ابنه المسترشد بالله الفضل. وخلف جماعة أولاد. وتوفيت جدّته أرجوان بعده بيسير. وهي سرية محمّد الذخيرة. وشمس الأئمة أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الأنصاري الجابري الزرنجريّ الفقيه شيخ الحنفيّة بما وراء النهر وعالم تلك الديار ومن كان يضرب به المثل في حفظ مذهب أبي حنيفة. ولد سنة سبع وعشرين وأربع مائة وتفقه على شمس الأئمة محمّد بن أبي سهل السّرخسيّ وشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلواني. وسمع من أبيه ومن أبي مسعود البجليّ وطائفة. وروى البخاريّ عن أبي سهل الأبيورديّ عن ابن حاجب الكشاني.1 توفي في شعبان. ونور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي أخو طراد. توفي في صفر وله اثنتان وتسعون سنة. كان شيخ الحنفيّة ورئيسهم بالعراق. روى عن ابن غيلان وطبقته. وحدّث بالصحيح. وأبو القاسم الأنصاريُّ العلامة سلمان بن ناصر النيسابوريُّ الشافعيُّ المتكلم تلميذ إمام الحرمين وصاحب التصانيف. وكان صوفيًّا زاهدًا من أصحاب القشيريّ. روى الحديث عن أبي الحسن عبد الغافر الفارسيّ وجماعة. توفي في جمادى الآخرة. وعبيد بن محمد بن عبيد أبو العلاء القشيريُّ التاجر مسند نيسابور. روى عن أبي حسّان المزكّي وعبد الرحمن النصرويّ وطائفة. ودخل المغرب للتجارة وحدّث هناك. توفي في شعبان وله خمسٌ وتسعون سنة. سنة ثلاث عشرة وخمس مائة فيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بخراسان بين سنجر وبين ابن أخيه محمود بن محمد. فانكسر محمود ثم وقع الاتفاق وتزوّج بابنة سنجر. وفيها اجتمع طغتكين صاحب دمشق وإيل غازي على حرب الفرنج. فبرز صاحب أنطاكية في عشرين ألفًا فالتقوا بنواحي حلب فانهزم الملعون واستبيح عسكره ولله الحمد. وفيها كانت الفتنة بين صاحب مصر الآمر وأتابكه الأفضل ابن أمير الجيوش. وتمّت لهما وفيها ظهر قبر إبراهيم خليل الله عليه السلام وإسحاق ويعقوب ورآهم جماعةٌ لم تبل أجسادهم وعندهم في تلك المغار قناديل من ذهبٍ وفضّة. قاله حمزة بن القلانسي في تاريخه. وفيها توفي أبو الوفاء عليّ بن عقيل بن محمد بن عقيل البغداديُّ الظَّفريّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف ومؤلِّف كتاب [الفنون] الذي يزيد على أربع مائة مجلد. وكان إمامًا مبرّزًا كثير العلوم خارق الذكاء مكبًّا على الاشتغال والتصنيف عديم النظير. روى عن أبي محمد الجوهريّ وتفقّه على القاضي أبي يعلى وغيره وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبّان. قال السِّلفيّ: ما رأيت مثله وما كان أحدٌ يقدر أن يتكلّم معه لغزارة علمه وبلاغة كلامه وقوّة حجّته. توفي في جمادى الأولى وله ثلاث وثمانون سنة. وقاضي القضاة أبو الحسن الدامغانُّي عليُّ ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن عليّ الحنفي ولي القضاء بضعًا وعشرين سنة. وكان ذا حزمٍ ورأيٍ وسؤددٍ وهيبة وافرة وديانةٍ ظاهرة. روى عن أبي محمد الصَّريفيني وجماعة. وتفقّه على والده. توفي في المحرّم عن أربع وستين سنة. وأبو الفضل بن الموازيني محمد بن الحسن بن الحسين السلميُّ الدمشقيّ العابد أخو أبي الحسن. وأبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن مبارز التركيُّ ثم البغداديُّ المحدث النحويّ أحد الفضلاء. روى عن أبي جعفر بن المسلمة وطبقته وتفقّه على الشيخ أبي إسحاق وكان ينسخ بالأجرة وفيه زهدٌ وورعٌ تام. وخوروست أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمد بن الحسين الإصبهانيّ المجلِّد. روى عن أبي الحسين بن فاذشاه وابن ريذة توفي في جمادى ومحمّد بن عبد الباقي أبو عبد الله الدّوريُّ السمسار الصالح روى هن الجوهريّ وأبي طالب العشاريّ ومات في صفر عن تسع وسبعين سنة. وأبو سعد المخرّميُّ المبارك بن عليّ الحنبليُّ. من كبار أئمة المذهب. تفقّه على الشريف أبي جعفر بن أبي موسى. وروى عن القاضي أبي يعلى وجماعة وأقرأ الفقه. سنة أربع عشرة وخمس مائة فيها خرجت الكرج والخزر فالتقاهم المسلمون في ثلاثين ألفًا عليهم دبيس بن صدقة وإيلغازي. فانكسر المسلمون وتبعهم الكفّار يأسرون ويقتلون فيقال قتل أكثرهم. ونجا دبيس وطغريل أخو السلطان محمود. ثمّ نازلت الكرج تفليس وأخذوها بالسيّف بعد حصار سنة. ولا كشف عنها أحد وفيها كان المصاف بين السلطان محمود وأخيه مسعود صاحب أذربيجان والموصل وله يومئذ إحدى عشرة سنة. فالتفوا عند عقبة أسد آباذ. فانهزم مسعود وأسر وزيره الطغرائي فقتل. وفي هذا الوقت كان ظهور ابن تومرت بالمغرب. وفيها توفي أبو عليّ بن بلّيمة الحسن بن خلف القيروانيُّ المقرئ مؤلف تلخيص العبارات من القراءات توفي في رجب بالأسكندرية. وهو في عشر التسعين. قرأ على جماعة منهم أبو العباس أحمد بن نفيس. والطُّغرائي الوزير مؤيّد الدين أبو إسماعيل الحسين بن عليّ الإصبهانيّ صاحب ديوان الإنشاء للسلطان محمد بن ملكشاه و اتصل بابنه مسعود ثم أخذ الطغرائيُّ أسيرًا وذبح بين يدي الملك محمود في ربيع ألأول وقد نيّف عل الستين. وكان من أفراد الدهر وحامل لواء النظم والنثر. وهو صاحب [لامية العجم]. وأبو عليّ بن سكّرة الحافظ الكبير حسين بن محمد بن فيرّه الصدفي السرقسطيُّ الأندلسيُّ. سمع من أبي العباس بن دلهاث وطائفة. وحجّ سنة إحدى وثمانين. فدخل على الحبّال. وسمع وأخذ [التعليقة الكبرى] عن أبي بكر الشاشيّ المستظهريّ. وأخذ بدمشق عن الفقيه نصرٍ المقدسيّ. وردّ إلى بلاده بعلم جمّ. وبرع في الحديث وفنونه وصنّف التصانيف وقد أكره على القضاء فولّيه ثم اختفى حتى أعفي. واستشهد في مصافّ قتندة في ربيع الأول وهو من أبناء الستين وأصيب المسلمون يومئذ. وأبو نصر عبد الرحيم بن الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ. وكان إمامًا مناظرًا مفسّرًا أديبًا علامة متكلّمًا وهو الذي كان أصل الفتنة ببغداد بين الأشاعرة والحنابلة. ثم فتر أمره. وقد روى عن أبي حفص بن مسرور وطبقته. وآخر من روى عنه بسبطه أبو سعد بن الصفّار. توفي في جمادى الآخرة وهو في عشر الثمانين وأصابه فالجٌ وهو في آخر عمره. وأبو الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع الأندلسيّ المريّي المقرئ تلميذ عبد الله بن سهل. تصدّر للإقراء مدّة. وحدّث عن ابن عبد البّر وجماعة. وفي روايته عن ابن عبد البر كلام. توفي في عشر التسعين. وأبو الحسن بن الموازيني عليُّ بن الحسن السلميّ أخو محمد. روى عن ابن سعدان وابن عبد الرحمان بن أبي نصر وطائفة وعاش أربعًا وثمانين سنة. ومحمود بن إسماعيل أبو منصور الإصبهانيُّ الصيرفيُّ الأشقر راوي [المعجم الكبير] عن ابن توفي في ذي القعدة. قال السِّلفي: كان صالحًا. سنة خمس عشرة وخمس مائة فيها احترقت دار السلطنة ببغداد وذهب ما قيمته ألف ألف دينار. وفيها توفي أبو عليّ الحدّاد الحسن بن أحمد بن الحسن الإصبهانيُّ المقرئ المجوِّد مسند الوقت. توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة. وكان مع علّو إسناده أوسع أهل وقته روايةً. حمل الكثير عن أبي نعيم وكان خيّرًا صالحًا ثقة. والأفضل أمير الجيوش شاهنشاه أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الأرمنيّ. كان في الحقيقة هو صاحب الدار المصريّة. ولي بعد موت أبيه وامتدّت أيامه. وكان شهمًا مهيبًا بعيد الغور فحل الرأي. ولى وزارة السيّف والقلم للمستعلي ثم للآمر. وكانا معه صورةً بلا معنى. وكان قد أذن للناس في إظهار عقائدهم وأمات شعار دعوة الباطنيّة فمقتوه لذلك. وكان مولده بعكّا سنة ثمان وخمسين وأربع مائة. وخلّف من الأموال ما يستحى من ذكره. وثب عليه ثلاثةٌ من الباطنيّة فضربوه بالسكاكين فقتلوه. وحمل بآخر رمق وقيل إنّ الآمر دسّهم عليه بتدبير أبي عبد الله البطائحي الذي وزر بعده ولقِّب بالمأمون. وأبو القاسم بن القطّاع السعدي الصقليّ صاحب اللغة. واسمه عليّ بن جعفر بن عليّ. ولد بصقليّة وأخذ بها عن ابن عبد البرّ اللغويّ وبرع في العربيّة وصنّف التصانيف ومات بها وله اثنتان وثمانون سنة. وفي روايته للصحاح مقال. وأبو عليّ بن المهديّ محمد بن محمد بن عبد العزيز الخطيب. روى عن ابن غيلان والعتيقي وجماعة. وكان صدوقًا نبيلًا ظريفًا. توفي في شوّال عن ثلاث وثمانين سنة. وهزار سب بن عوض أبو الخير الهرويُّ الحافظ. توفي في ربيع الأوّل. وكان عالمًا صاحب حديثٍ وإفادةٍ بليغه. وحرص على الطلب. سمع من طراد ومن بعده. ومات قبل أوان الرواية. سنة ست عشرة وخمس مائة فيها توفي إيل غازي بن أرتق بن أكسب نجم الدين التركماني صاحب ماردين. وليها بعد أخيه سقمان. وكان من أمراء تتش صاحب الشام. وكان إيلغازي قد استولى على حلب بعد موت أولاد تتش واستولى على ميّافارقين. وكان والباقرجي أبو عليّ الحسن بن محمد بن إسحاق. روى عن أبي الحسن القزوينيّ والبرمكيّ وخلق. توفي في رجب. والبغويُّ محيي السنّة أبو محمد الحسين بن مسعود بن الفّراء الشافعيُّ المحدّث المفسّر صاحب التصانيف وعالم أهل خراسان. روى عن أبي عمر المليحي وأبي الحسن الداودي وطبقتهما. وكان سيدًا زاهدًا قانعًا يأكل الخبز وحده فليم في ذلك فصار يأكله بالزيت. وكان أبه يصنع الفراء. توفي ركن الدين محيي السنّة بمروالروذ في شوّال ودفن عند شيخه القاضي حسين. وأبو محمد بن السّمرقنديّ الحافظ عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أخو إسماعيل. ولد بدمشق وسمع بها من أبي بكر الخطيب وابن طلاب وجماعة وببغداد من أبي الحسين بن النقور. ورحل إلى نيسابور وإصبهان وعني بالحديث وخرّج لنفسه [معجمًا] في مجلّد وعاش اثنتين وسبعين سنة. وأبو القاسم بن الفحّام الصقلّيّ عبد الرحمان بن أبي بكر عتيق بن خلف مصنّف [التجريد في القراءات] كان أسند من بقي بالديار المصرية من القراءات قرأ على ابن نفيس وطبقته ونيّف على التسعين. توفي في ذي القعدة. وأبو طالب اليوسفي عبد القادر بن محمد بن عبد القادر البغداديّ في ذي الحجّة وهو في عشر التسعين. روى الكتب الكبار عن ابن المذهب والبرمكيّ. وكان ثقةً عدلًا رضيًّا عابدًا. وأبو طالب السميرمي علي بن أحمد الوزير. وزر ببغداد للسلطان محمود فظلم وفسق وتجبّر ومرق حتى قتل على يد الباطنية. وأبو محمد الحريري صاحب [المقامات] القاسم بن عليّ بن محمد بن عثمان البصريُّ الأديب حامل لواء البلاغة وفارس النظم والنثر. كان من رؤساء بلده. روى الحديث عن أبي تمّام محمد بن الحسن وغيره وعاش سبين سنة. توفي في رجب وخلف ولدين: النجم عبد الله وضياء الإسلام عبيد الله قاضي البصرة. والدقّاق أبو عبد الله محمد بن عبد بن عبد الواحد الإصبهاني الحافظ الرحال عن ثمانين سنة روى عن عبد الله بن شبيب الخطيب والباطرقاني وعبد الرحمان بن أحمد الرازيّ. وعني بهذا الفن وكتب عمّن دبّ ودرج وكان محدّثًا أثريًّا فقيرًا متقلّلًا. توفي في شوال. سنة سبع عشرة وخمس مائة في أوّلها التقى الخليفة المسترشد بالله ودبيسٌ الأسدي. وكان دبيس قد طغى وتمرّد ووعد عسكره بنهب بغداد. وجرّد المسترشد يومئذ سيفه ووقف على تلٍّ فانهزم جمع دبيس وقتل خلق منهم. وقتل من جيش الخليفة نحو العشر ين وعاد مؤيّدًا منصورًا. وذهب دبيس فعاث ونهب وقتل بنواحي البصرة. وفيها توفي ابن الطيوريّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي ببغداد في رجب عن ثلاثٍ وثمانين سنة. وكان صالحًا. أكثر بإفادة أخيه المبارك. وروى عن ابن غيلان والخلال وأجاز له الصوريُّ وأبو عليّ الأهوازي. وابن الخياط الشاعر المشهور أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي التغلبيُّ الكاتب الدمشقيُّ. ويعرف بابن سني الدولة الطابلسيُّ. عاش سبعًا وستين سنة. وكتب أولًا لبعض الأمراء ثم مدح الملوك والكبار وبلغ في النظم الذروة العليا. أخذ يجلب عن أبي الفتيان محمد بن حيّوس وعنه أخذ ابن القيسراني. قال السِّلفي: كان شاعر الشام في زمانه. قد اخترت من شعره مجلّدةً لطيفة فسمعتها منه. قال ابن القيسراني: وقّع الوزير هبة الله بن بديع لابن الخياط مرة بألف دينار. توفي في رمضان بدمشق. وحمزة بن العبّاس العلويُّ أبو محمد الإصبهانيُّ الصوفيُّ. روى عن أبي طاهر بن عبد الرحيم. وظريف بن محمد بن عبد العزيز أبو الحسن الحيريَّ النيسابوريُّ. روى عن أبي حفص بن مسرور وطائفة. وكان ثقةً من أولاد المحدّثين. توفي في ذي القعدة وله ثمان و ثمانون سنة. وأبو محمد الشنترينيُّ عبد الله بن محمدّ بن سارة البكري الشاعر المفلق اللغويّ. له ديوانٌ معروف. وأبو نعيم عبيد الله بن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد الإصبهانيّ الحافظ مؤلّف [أطراف الصحيحين]. كان عجبًا في الإحسان إلى الرحّالة وإفادتهم مع الزّهد والعبادة والفضيلة التامة. روى عن عبد الله بن منده. ولقي بنيسابور أبا المظفّر موسى بن عمران وطبقته وبهراة العميريّ وببغداد النعّالي. توفي في جمادى الأولى عنُّ أربع وخمسين سنة. وأبو الغنائم بن المهتدي بالله محمد بن أحمد بن محمد الهاشمي الخطيب روى عن أبي الحسن القزويني والبرمكي وطائفة. توفي في ربيع الأول. وأبو الحسن الزعفراني محمد بن مرزوق البغدادي الحافظ التاجر. أكثر من ابن المسلمة وأبي بكر الخطيب. وسمع بدمشق ومصر وإصبهان. توفي في صفر عن خمس وسبعين سنة. وكان متقنًا ضابطًا بفهم ويذاكر. وأبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني ثم المصري. روى عن ابن حمّصة وأبي الحسن الطفّال وعليّ بن محمد الفارسي وعدّة. وكان أسند من بقي بمصر مع الثقة والخير. توفي في ذي القعدة عن سنّ عالية. سنة ثمان عشرة وخمس مائة فيها كسر بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب الفرنج. ثم نازل منبج فجاءه سهمٌ فقتله. فحمله ابن عمّه تمرتاش صاحب ماردين إلى ظاهر حلب وتسلّم حلب وأقام بها ناسًا وردّ إلى ماردين فراحت حلب منه. وفيها أخذت الفرنج صور بالأمان. وبقيت في أيديهم إلى سنة تسعين وست مائة. وفيها توفي داود ملك الكرج الذي أخذ تفليس من قريب. وكان عادلًا في الرعيّة. يحضر يوم الجمعة ويسمع الخطبة ويحترم المسلمين. والحسين بن الصباح صاحب الألموت وزعيم الإسماعيليّة. وكان داهيةً ماكرًا زنديقًا من شياطين الإنس. وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسيّ الشافعيّ الفقيه. قال السِّلفيّ: كان من أفقه الفقهاء بمصر عليه تفقّه أكثرهم. قلت: أخذ عن نصر المقدسي وسمع من أبي بكر الخطيب وجماعة. وعاش ستًا وسبعين سنة. توفي في هذه السنة أو في التي تليها. وأبو طاهر الشيخ عبد الواحد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الذهبي آخر أصحاب أبو نعيم توفي في ربيع الأول. وأبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمّام بن عطيّة المحاربي الغرناطي الحافظ. توفي في جمادى الآخرة بغرناطة عن سبعٍ وسبعين سنة. روى عن الأندلسيين ورحل سنة تسعٍ وستين وسمع [الصحيحين] بمكة. قال ابن بشكوال: كان حافظًا للحديث وطرقه وعلله عارفًا بأسماء رجاله ونقلته ذاكرًا لمتونه ومعانيه. قرأت بخطّ بعض أصحابي أنه كرر [صحيح البخاري] سبع مائة مرّة. وكان أديبًا لغويًا ديّنًا فاضلًا. أخذ الناس عنه كثيرًا. سنة تسع عشرة وخمس مائة فيها سار الخليفة لمحاربة دبيس فخارت قوى دبيس وطلب العفو وذلّ. وكان معه طغرلبك بن السلطان محمد فمرض ثم سار هو ودبيس إلى خراسان فاستجارا بسنجر فأجارهما. ثم قبض على دبيس خدمةً للخليفة. وفيها توفي أبو الحسن بن الفرّاء الموصلي ثم المصريّ علي بن الحسين بن عمر راوي [المجالسة] عن عبد العزيز بن الضرّاب. وقد روى عن كريمة وطائفة وانتخب عليه السلفي مائة جزءٍ . مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائة. وابن عبدون الهذليّ التونسيّ أبو الحسن عليّ بن عبد الجبار. لغويُّ المغرب. وأبو عبد الله بن البطائحي المأمون وزير الديار المصرية للآمر. كان أبوه جاسوسًا للمصريين فمات وربّي محمد هذا يتيمًا. فصار يحمل في السوق. فدخل مع الحمّالين إلى دار أمير الجيوش فرآه شابًا ظريفًا فأعجبه. فاستخدمه مع الفرّاشين ثم تقدّم عنده ثم آل أمره إلى أن ولي الأمر بعده. ثم إنه مالًا أخا الآمر على قتل الآمر فأحسنّ الآمر بذلك فأخذه وصلبه. وكانت أيامه ثلاث سنين. وأبو البركات بن البخاري يعني المبخِّر البغدادي المعدّل هبة الله ابن محمد بن علي. توفي في رجب عن خمسٍ وثمانين سنة. روى عن ابن غيلان وابن المذهب والتنوخي. يوم الأضحى خطب المسترشد بالله فصعد المنبر ووقف ابنه وليُّ العهد الراشد بالله دونه بيده سيفٌ مشهور. وكان المكبِّرون خطباء الجوامع. ونزل فنحر بيده بدنة وكان يومًا مشهودًا لا عهد للإسلام بمثله منذ دهر. وفيها توفي أبو الفتوح الغزّالي أحمد بن محمد الطوسي الواعظ. شيخٌ مشهور فصيحٌ مفوّهٌ صاحب قبول تامّ لبلاغته وحسن إيراده وعذوبة لسانه. وهو أخو الشيخ أبي حام. وعظ مرّة عند السلطان محمود فأعطاه ألف دينار ولكنه كان رقيق الديانة متكلمًا في عقيدته. حضر يوسف الهمذاني في الزاهد عنه فسئل عنه فقال: مدد كلامه شيطانيّ لا ربّاني. ذهب دينه والدنيا لا تبقى له. قلت: توفي بقزوين. وآقسنقر البرسقي قسيم الدولة. ولي إمرة الموصل والرحبة للسلطان محمود ثم ولي بغداد ثم سار إلى الموصل ثم كاتبه الحلبيّون فتملّك حلب ودفع عنها الفرنج. قتلته الإسماعيليّة وكانوا عشرة وثبوا عليه يوم جمعة بالجامع في ذي القعدة. وكان ديّنًا عادلًا عالي الهمة. قتل خلقًا من الإسماعيليّة. وأبو بحر الأسديّ سفيان بن العاص الأندلسيّ محدّث قرطبة. روى عن ابن عبد البرّ وأبي وصاعد بن سيّار أبو العلاء الإسحاقيّ الهرويُّ الدهّان. قرأ عليه ابن ناصر ببغداد [جامع الترمذيّ] عن أبي عامر الأزدي. قال السمعاني: كان حافظًا متقنًا كتب الكثير. وجمع الأبواب وعرف الرجال. وأبو محمد بن عتّاب عبد الرحمن بن محمد بن عتّاب القرطبيُّ مسند الأندلس. أكثر عن أبيه وعن حاتم الطرابلسي وأجاز له مكّي بن أبي طالب والكبار. وكان عارفًا بالقراءات واقفًا على كثيرٍ من التفسير واللّغة والعربية والفقه مع الحلم والتواضع والزهد. وكانت الرحلة إليه. توفي في جمادى الأولى عن سبع وثمانين سنة. وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد المالكيّ قاضي الجماعة بقرطبة ومفتيها. روى عن أبي عليّ الغسّاني وأبي مروان بن سراج وخلق. كان من أوعية العلم. له تصانيف مشهورة عاش سبعين سنة. وأبو عبد الله محمد بن بركان بن هلال الصعيدي المصري النحويّ اللغويّ البحر الحبر وله مائة سنة وثلاثة أشهر. توفي في ربيع الآخر. روى عن عبد العزيز بن الضرّاب والقضاعيّ وسمع [البخاري] من كريمة بمكة. وأبو بكر الطرطوشيُّ محمد بن الوليد الفهريّ الأندلسيّ المالكيّ نزيل الاسكندرية وأحد الأئمّة الكبار. أخذ عن أبي الوليد الباجي ورحل فأخذ [السنن] عن أبي علي التستري وسمع ببغداد من رزق الله التميمي وطبقته وتفقّه على أبي بكرالشاشي. قال ابن بشكوال: كان إمامًا عالمًا زاهدًا ورعًا ديّنًا متواضعًا متقشّفًا متقلاّلًا من الدنيا راضيًا باليسير. قلت: عاش سبعين سنة. وتوفي في جمادى الأولى.
|